لا نيغريس

حظيتُ بشرف قراءة رواية الكاتبة الجزائرية عائشة بنور قبل صدورها. عنوان الرواية، "الزنجية"، يأسر القارئ بمعناه المجازي الغني الذي يُمجّد الجمال الداكن. تُبرز المقدمة، وهي العتبة الثانية للكتاب، ذكاء الكاتبة وتدعو القراء لاستكشاف الطابع الأسلوبي المميز للسرد الذي يُميّز هذه الكاتبة الجزائرية عن زملائها.

تُوصف بيئة الرواية وبطلتها، بلانكا، بتفصيل، مما يخلق فضاءً وجغرافيةً شيّقين. هذا الموقع الغريب يُشعرك وكأنك مسافرٌ ومتعلم، يخترق ثغرات المجتمع. هذه الأرض النيجيرية المليئة بالمحرمات تُمثل نموذجًا مصغرًا للعديد من المجتمعات الأفريقية، حيث يُمثل ختان النساء جانبًا مظلمًا من التراجع المستمر. تتناول الكاتبة هذا الموضوع بوعي، ويدعم وضوحها النقد الأدبي النسوي، الذي يرى أن المرأة وحدها هي القادرة على سرد جسدها وروحها.

تتقن بنور استخدام أسلوب الرواية لتُمكّن بطلتها بلانكا من التعبير عن نفسها بضمير المتكلم، وهو ما يُتيح لها، وإن كان من الصعب فهم الحبكة، الكشف عن معاناتها بعفوية صادقة وحرية تامة، مُغرقةً القارئ في واقع مجتمعها القاسي. وهكذا، تُخصص بنور جزءًا كبيرًا من روايتها للهجرة غير الشرعية، مُفصّلةً مصاعبها وآلامها منذ بداية الفكرة وحتى الوسائل المحدودة المُستخدمة لتحقيق هذا المشروع الخطير وغير المُستقر.

يتبدل صوت السرد المزدوج مع الأحداث، مانحًا شخصيات مختلفة صوتًا ومُثريًا اللغة. تُغذّى الجمل بأفعال مُتقنة الصياغة تتبع الحدث وتصف الحالة النفسية للشخصية بلغة شعرية تُرضي القارئ. يُثري هذا العمل الأدب العربي والأفريقي. عز الدين ميرغني،

ناقد أدبي